[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يقول
الله عز وجل في كتابه الحكيم «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ
هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ. «فبحلول شهر رمضان المبارك تأمل كل امرأة
أن تغتنم الفرص وتنهل من زاد الآخرة، ويظل حلم الخشوع في الصلاة يراودها
دائماً في ظل انشغالها الدائم وقيامها بأدوار متعددة، إلا أن رمضان يعد
فرصة سانحة للتدرب على الخشوع في الصلاة، حيث تسلسل الشياطين ويتفرغ الجميع
للعبادة، والخشوع في الصلاة أمر يستحق الإصرار على المحاولة طالما في
الروح نفس صاعدة، فعن عبد الله بن الشخير –رضي الله عنه– قال: «أتيت رسول
الله وهو يصلي ولجوفه أزير كأزيز المرجل من البكاء» كما أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في
الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم، فالخشية أمر لا يؤتى إلا
لقلب أدرك جلال الله وقدرته.
استعدي بالأذان والوضوء
والطريق
الذي يحقق لكل مسلمة خشوعاً في صلاتها رسمته لنا الدكتورة رقية بنت
المحارب في كتاب بعنوان «كيف تخشعين في الصلاة» محددة مجموعة من الاعتبارات
والاستعدادات يجب الأخذ بها لتحقيق هذه الغاية، وحددت أول هذه الاستعدادات
عند سماع الأذان، وذلك بترديده حتى إذا قال المؤذن: «حي على الصلاة»، «حي
على الفلاح» تقول المسلمة: «لا حول ولا قوة إلا بالله». لقوله –صلى الله
عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلي
على صلاة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة –إنها درجة في
الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله– فمن سأل لي الوسيلة حلت له
الشفاعة»، ثم اسألي الله من فضله واجتهدي في الدعاء فإن الدعاء يجاب عند
الأذان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنان لا تردان أو قال ما
تردان، الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلتحم بعضهم بعضاً»، ثم سارعي إلى
الوضوء عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى
الْكَعْبَيْنِ} (المائدة 6)، واستحضري فضل الوضوء، فإن رسول الله قال: «من
توضأ فأحسن الوضوء وصلى غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى».
واستحضري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ العبد المسلم أو
المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع
آخر قطر ماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء
أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء
أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب»، فإذا خرجت وقد توضأت
فاذكري هذا الدعاء لتنالي جزاءه، وهو الوارد في هذا الحديث: قال رسول الله:
«ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب
الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء».
اهتمي بحاجات الجسد قبل الصلاة
هناك
عدة استعدادات يجب إتمامها قبل الصلاة، منها الاستعداد بالسواك، واللباس
الحسن لنظيف، وإحكام ستر العورة حتى لا تنكشف فتنشغلي بها في أثناء الصلاة،
واستبعاد كل ما يشغلك في موضع الصلاة، وكذلك الابتعاد عن الضوضاء، واختيار
مكان معتدل الحرارة، والابتعاد عن المكان الحار، وأوضحت الكاتبة ضرورة ذلك
قائلة: إنك أخيتي إذا أردت النوم أو الأكل أو استقبال الضيوف فإنك تبحثين
عن المكان المعتدل الحرارة –وتبذلين الجهد– لتبريده في الحر، ولتدفئته في
البرد؛ لتؤمني لنفسك الاستمتاع بالأكل والنوم، إلا أنك إذا أردت أداء
الصلاة فإنك أحياناً لا تبالين بأن تصلي في أي مكان، ولسان حالك يقول: خمس
دقائق أتحمل فيها الحر ولا تستحق إعمال المكيف أو البحث عن مكان بارد أصلي
فيه. وأنت بذلك قد تحتملين ولكن على حساب خشوعك!
ولكي تصلي بحضور قلب وخشوع فالتمسي أقصى مكان في بيتك وأبعده عن حضور الناس
ورؤيتهم، وذلك أفضل فإن أم حميد -رضي الله عنه- روت أنها جاءت النبي،
فقالت: يا رسول الله! إني أحب الصلاة معك؟ قال: «قد علمت أنك تحبين الصلاة
معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك
في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك
خير من صلاتك في مسجدي».
فأمرت -أم حميد- فبُنِيَ لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه «وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.
وللاستعداد للصلاة إذا وجدت المسلمة قلبها غافلاً مشغولاً أن تقرأ آيات من
القرآن لم يسبق لها حفظها، وكذلك من الأمور التي تساعد على الخشوع انتظار
الصلاة، فإذا فرغت المرأة ولم يكن عليها واجب للزوج أو الأهل يشغلها إذا
قارب وقت الصلاة أن تتوضأ وتجلس في مصلاها تنتظر تسبح وتستغفر. وأن تستعين
على مجاهدة نفسها بتذكر فضل انتظار الصلاة،
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد في صلاة ما كان في
مصلاه ينتظر الصلاة، والملائكة تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى
ينصرف أو يحدث». و للاستعداد قبل الصلاة أيضاً يجب قضاء حاجات الجسد من جوع
وعطش والحاجة للذهاب للخلاء، حتى إن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عد من
يفعل هذا وهو يصلي كأن لم يصل، فقد قال: «لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو
يدافع الأخبثين».
تذكري مخاطبتك لله أثناء الصلاة
وللخشوع
في وقت الصلاة تبدئين بتكبيرة الإحرام، وعليك أيتها المصلية أن ترفعي يديك
حذو منكبيك وتشعرين وأنت بهذا الحال بالاستسلام التام لرب العباد، وتخيلي
لو أن أحداً أراد منك أن تذعني له وتستسلمي، فأمرك برفع يديك ومدها،
لارتعدت مفاصلك خوفاً من بطشه بك، وهو بشر مثلك، فكيف بمن بيده ملكوت كل
شيء؟ ثم تبدئين قراءة سورة الفاتحة بتلاوة حسنة تحسنين صوتك بها وتخشعين
فيها، والطريق إلى الخشوع فيها هو بأمور، قراءتها آية آية، أي تقرئين آية
ثم تسكتين ثم تقرئين الآية التي بعدها، وذلك اقتداء برسولنا محمد، أن
تستشعرين وأنت تقرئين كل آية أنك تخاطبين الله –سبحانه– يرد عليك كل آية،
فإذا قلت الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى: «حمدني عبدي»، وإذا قلت:
الرحمن الرحيم: قال الله – تعالى -: «أثنى عليَّ عبدي»، وإذا قلت: مالك يوم
الدين، قال الله – تعالى -: «مجدني عبدي»، وإذا قلت: إياك نعبد وإياك
نستعين، قال الله – تعالى -: «هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل»، وإذا
قلت: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا
الضالين، قال الله – تعالى -: «هذا لعبدي ولعبدي ما سأل».
ونبهت الدكتورة رقية بنت محارب على ضرورة أن تراعي المصلية حالها قبل
الصلاة؛ فإن كانت مهمومة قلقة تقرأ آيات تفيدها معنى تفريج الله لعبده
الصابر، وإن كانت حزينة على دنيا تقرأ ما يزهدها فيها ويصور لها سرعة
زوالها، وإن كانت تشعر بالملل من الحياة ومع ذلك تقصر في أداء واجباتها،
تقرأ ما يحثها على السعي، وإن كانت خائفة من تقصير تقرأ آيات رحمة الله.
ولكي تخشعي في الصلاة لا تقرئي قصار الصور التي تحفظينها فقط طوال عمرك،
احفظي سوراً جديدة، فإن الحفظ يورث من الخشوع ما لا يوصف، وذلك أنك ستشعرين
بمغالبة نفسك وشد ذهنك إلى ما حفظته حديثاً؛ لأنك لا تستطيعين استحضاره
بدون ذهن مركز.
تفكري في معنى التكبير
ويجب
على المصلية أن تستحضر معنى الله أكبر في ركوعها وسجودها وتتفكر في
التكبير حيث الله أكبر من كل شيء، أكبر منك حين أخضعك لجلاله، وأكبر من أي
عظيم أو كبير. ثم إذا بلغت التشهد وجلست له، فعليك أن تستحضري أنك تلقين
بين يدي الله كلمات عظيمات علمها رسول الله لأمته، وتلقين التحيات بجميع
أنواعها الحسنة لله –سبحانه وتعالى– فهو المستحق لذلك، كما تعترفين بأن
الملك له وحده حيث التحية تكون غالباً للملوك، فالله – سبحانه – ملك
الملوك؛ لذا فله جميع التحيات. ثم تكررين إخلاصك خاتمة به، فتشهدين أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك، وتشهدين أن محمداً عبده ورسوله.
انظري لصلاة السلف
ذكر
عن محمد بن المنكدر أنه بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذا استبكى وكثر
بكاؤه، حتى فزع أهله وسألوه ما الذي أبكاه، فاستعجم عليهم وتمادى في
البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو
يبكي، قال: يا أخي ما الذي أبكاك قد روعت أهلك ، ما بك؟ قال: إنه مرت بي
آية في كتاب الله - عز وجل -! قال: وما هي قال قول الله تعالى: {وَبَدَا
لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47]، فبكى
أبو حازم أيضاً معه واشتد بكاؤهما، فقال بعض أهله لأبي حزم: جئنا بك لتفرج
عنه فزدته، فأخبرهم ما الذي أبكاهما».
كما كان علي بن الحسين إذا فرغ من وضوئه للصلاة، وصار بين وضوئه وصلاته
أخذته رعدة ونفضة، فقيل له في ذلك، فقال: ويحكم أتدرون إلى من أقوم، ومن
أريد أن أناجي. وكذلك كان عطاء بن أبي رباح بعدما كبر وضعف، يقوم إلى
الصلاة فيقرأ مائتي آية من سورة البقرة، وهو قائم لا يزول منه شيء ولا
يتحرك.
-------------
الموضوع منقول