العبادات توقيفية لا يصح منها شيء إلا ما وافق ما جاء به المشرع سبحانه في:
1. النوع.
2. والكم.
3. والكيف.
4. والوقت.
ولهذا فإن الصلاة وهي من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إلا أنه ينهى عنها في بعض الأوقات ؛ لذا يتعين على المسلم معرفة هذه الأوقات التي تحرم فيها الصلاة حتى يوقع صلاته في الوقت الذي تقبل فيه.
أوقات النهي :
1 - بعد العصر إلى أن تصفرّ الشمس .
2 – بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس .
3 – قُبيل صلاة الظهر إلى أن تزول الشمس ( بمقدار عشر دقائق تقريباً قبل الأذان )
.(مغلظ)4
– من اصفرار الشمس إلى الغروب
.(مغلظ)5 – من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح ( بمقدار عشر دقائق تقريباً )
.(مغلظ)أن أوقات النهي خمسة، ثلاثة منها مغلظة واثنان منها أخف.
المغلظة منها ثلاثة:
وهي الأوقات القصيرة:
من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح. ومن قبيل الزوال إلى الزوال. ومن حيث يكون بينها وبين الغروب مقدار رمح إلى أن تغرب. هذه الأوقات الثلاثة المغلظة تختلف عن الوقتين الآخرين؛ لأن هذه الأوقات الثلاثة المغلظة
لا يجوز فيها دفن الميت، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب)[ رواه مسلم في المساجد، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها ح293 (831).]. فإذا وصلنا بالميت إلى المقبرة وقد طلعت الشمس، فإنه لا يجوز دفنه حتى ترتفع الشمس قيد رمح، وذا وصلنا به إلى المقبرة وقد قام قائم الظهيرة يعني قبيل الزوال بنحو خمس دقائق فإنه لا يجوز دفنه حتى تزول الشمس، وإذا وصلنا به إلى المقبرة قبل الغروب بمقدار رمح فإنه لا يجوز دفنه حتى تغرب الشمس.لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يقبر الأموات في هذه الأوقات.
الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات
أما الحكمة من النهي في هذه الأوقات: فلأن الإنسان إذا أذن له بالتطوع في هذه الأوقات فقد يستمر يتطوع حتى عند طلوع الشمس وعند غروبها، وحينئذ يكون مشابهاً للكفار الذين يسجدون للشمس إذا طلعت تحريباً بها وفرحاً، ويسجدون لها إذا غربت وداعاً لها، والنبي عليه الصلاة والسلام حرص على سد كل باب يوصل إلى الشرك أو يكون فيه مشابهة للمشركين.
وأما النهي عند قيامها حتى تزول فلأنه وقت تسجر فيه جنهم كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام[رواه أبو داود في الصلاة باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال ح(1083).] فينبغي الإمساك عن الصلاة في هذا الوقت.
أما الصلاة فإنها محرمة في هذه الأوقات الخمسة جميعاً، لكن يستثنى من ذلك.
الصلوات ذوات الأسباب
أولاً: إعادة الجماعة مثل أن يصلي الإنسان الصبح في مسجده، ثم إذا ذهب إلى مسجد آخر فوجدهم يصلون الصبح فإنه يصلي معهم، ولا إثم عليه ولا نهي، والدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ذات يوم في منى، فلما انصرف رأى رجلين لم يصليا معه فسألهما لماذا لم تصليا؟ قالا: صلينا في رحالنا، قال: (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم)[ رواه أبو داود في الصلاة، باب: الجمع في المسجد مرتين ح(575) و (576).] ، وهذا بعد صلاة الصبح.
ثانياً: إذا طاف الإنسان بالبيت، فإن من السنة أن يصلي بعد الطواف ركعتين خلف مقام إبراهيم، فإذا طاف بعد صلاة الصبح فيصلي ركعتين للطواف. ومن أدلة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت أو صلى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار)[ رواه أبو داود في المناسك، باب: الطواف بعد العصر ح(1894)، ورواه الترمذي في الحج، باب: ما جاء في الصلاة بعد العصر... ح(868) وقال: حسن صحيح.].
فإن بعض العلماء استدل بهذا الحديث على أنه يجوز إذا طاف أن يصلي ركعتين ولو في وقت النهي.
ثالثاً: إذا دخل يوم الجمعة والإمام يخطب وكان ذلك عند زوال الشمس فإنه يجوز أن يصلي تحية المسجد؛ لأن (النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس فدخل رجل فجلس فقال له: "أصليت"؟ قال: لا، قال: "قم فصل ركعتين وتجوز فيهما حديث المسيء صلاته ج13/119.
رابعاً: دخول المسجد: فلو أن شخصاً دخل المسجد بعد صلاة الصبح، أو بعد الفجر؛ لأن هذه الصلاة لها سبب. فمثلاً لو دخلت المسجد بعد صلاة العصر فإنك تصلي ركعتين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)
خامساً: كسوف الشمس: فلو كسفت الشمس بعد صلاة العصر.
سادساً: إذا توضأ الإنسان: فإذا توضأ الإنسان جاز أن يصلي ركعتين في وقت النهي؛ لأن هذه الصلاة لها سبب.
بحديث بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {سمعت دف نعليك في الجنة يا بلال فما كنت تصنع؟ قال: يا رسول الله! ما توضأت في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت ركعتين }رواه البخاري ومسلم
سابعاً: صلاة الاستخارة:في امر قد يفوت فلو أن إنساناً أراد أن يستخير فإنه يصلي ركعتين، ثم يدعو دعاء الاستخارة، فإذا أتاه أمر لا يحتمل التأخير فاستخار في وقت النهي فإن ذلك جائز.
ثامنا : الصلاة الفائتة: يعني إذا فات الإنسان فريضة فإنه يصليها ولو في أوقات النهي االمغلطة القصيرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)[ تقدم تخريجه ص283.]. فقوله: (فليصلها إذا ذكرها) عام لا يستثنى منه شيء، ولأنها فريضة مؤكدة فلا ينبغي تأخيرها عن وقت ذكرها أو استيقاظ النائم.
والخلاصة أن هذا الحديث (لا صلاة بعد الصبح، ولا صلاة بعد العصر) مخصوص بما إذا صلى صلاة لها سبب فإنه لا نهي عنها.
تاسعا: وكذلك لو قرأ الإنسان القرآن ومر بآية سجدة فإنه يسجد ولو في هذه الأوقات لأن ذلك سبب.وكذلك سجود الشكر
وهذا الذي ذكرته هو مذهب الشافعي – رحمه الله – وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – وهو الصحيح أن ذوات الأسباب ليس عنها نهي.